Wednesday, December 27, 2006

السيد ونجز

كان في حينا الذي نشأت فيه و الذي نطلق عليها اختصار اسم الحته (و لكل انسان من ابناء طبقتنا المتوسطه حته ينتمي اليها و يحن اليها ان فارقها) رجل يسمي سيد ونجز ، والكلمه لمن وجد صعوبة في قراءتها ، تقرأ كما تنطق في الانجليزيه ، وينجيز ، بمعني اجنحه ، دعنا من سبب تسميته بهذا الاسم لانه امر تضاربت فيه الاقوال ، كان السيد ونجز رجلا من طراز خاص جدا ، كان حاصلا علي دبلوم فني متوسط و يعمل في مصنع من المصانع الحربيه و لكنه كان علي رقة وضعه الاجتماعي و الاقتصادي يشغلنا نحن ابناء الحته باشاعات متواليه يروجها عن نفسه و يجهد نفسه في صناعة قرائن تؤكد ما يشيعه عن نفسه ، و كنا و نحن صغار تستهوينا متابعة اخباره و احيانا الانبهار به ، تارة حين نعرف انه سيستقيل من عمله و يؤسس مصنعا للصناعات الثقيله لينافس به المصانع الحربيه التي يعمل بها ، و حينا عندما تصلنا اخبار عن الشركات الالمانيه التي دعته للاقامه و العمل في المانيا للاستفاده من خبراته لاسيما عندما يؤكد الشهود انهم شاهدوه مرابطا امام السفاره الالمانيه في انتظار اصدار التاشيره . في احدي المرات كان الحدث الذي شغلنا به السيد ونجز باخبار عن كلبه الذي اشتراه و رباه و عن الصراع بين وزراء الحكومه في المنافسه علي شراء كلب الونجز

كبرنا ، و عرفنا ان ما كان يفعله السيد ونجز هو ما يسمي بحيل الدفاع النفسي و التي كان يمارسها للتغطيه علي فشله في التطور و الترقي و عجزه عن مسايرة ما يحدث حوله ، و بعد ان كنا ننشغل بحكاياته صرنا نعرف اخباره من اقاربه الذين يرافقونه للطبيب النفسي ، بعد ان تدهورت حالته تماما و انعزل و اصبح يعيش في عالم خاص و يصدق بوجود اشخاص وهميين لا وجود لهم الا في عالمه
و عندما ياتي ذكره في احاديث ابناء الحته ، كنت اقول انه كان يستطيع ان يحقق شيئا من احلامه في الثروه او الوجاهه الاجتماعيه التي كانت تسحره ، لو انه اعترف اولا بوضعه الحقيقي وبدأ باحلام صغيره و راهن علي نموها و تطورها ، و لربما كان قد وصل الي وضع كالذي كان يتخيله ، و حتي لو لم يصل فبالتاكيد لم تكن حياته ستمضي علي هذا المنوال الفاشل ، بل لعله كان سيقنع بما حققه من نجاح
قفزت حكايات ونجز من اعماق الذاكره الي سطحها حين سمعت لاول مره عن مشروع مصر النووي ، كما قفزت من الذاكره صور مشروعات الصحوه الكبري و الالف يوم و سداد ديون مصر و شرق التفريعه و توشكي و العوينات التي ، مشروعات شغلتنا لفترات و لكنها سرعان ما تبددت تحت وطأة الحقيقيه و هي انها مشروعات لا تناسبنا و لسنا مؤهلين لها الان و هي ليست وليدة دراسة حقيقيه ولا جاده ولكنها ليست اكثر من فرقعه تهدف الي تزيين الصوره و تزييف الواقع و التغطيه علي الفشل ، بينما كان من الممكن ان نتفاعل مع مشروعات نحتاجها اكثر ومن الممكن ان تقود الي نهضه حقيقيه ، مشروعات اصبو الي ان اراها و نستطيع تحقيقها مثل محو الاميه و بناء مساكن رخيصه و الحفاظ علي الارض الزراعيه وتطوير الثروه السمكيه ، او حتي عمل مدينه تجاريه حره حقيقيه علي طراز دبي في بورسعيد

اجمل ما في الامر هو حس الشعب المصري و قدرته علي التمييز ، فبينما كنا ننشغل صغارا بحكايات عم ونجز كان الكبار يعرفون تماما كيف يقيمون كلامه الذي يريد ان يشغلهم به ، و هو بالضبط ما يحدث تجاه المشروعات اياها
ادعوا لعم سيد بالشفاء و لكل المرضي يا رب


0 Comments:

Post a Comment

<< Home